Thursday, July 4, 2019

سحقا، ليس لهذا خلقنا

منذ ان كنت في الجامعة في المانيا قبل ٢٠ سنة أدركت أنه هناك خلل في اهتمامات العلم والناس، حيث كنت ادرس الهندسة الكهربائية. بدأت انتقد التقدم التكنولوجي على حساب التخلف الإنساني والظلم والقهر والاستبداد والجوع والموت على مستوى العالم. لماذا رضي العلم بفصله عن السياسة؟ وكنت اشاغب بعض الأساتذة باسألتي.
لم تكن المبررات لتدخل رأسي ومنذ ذلك الحين بدأت رحلتي مع الأسئلة الصعبه. وطبعا نحن الفلسطينيين ولدنا مع الاسئلة الصعبة اصلا.
لماذا لم ننل حريتنا مثل باقي الشعوب بعد؟ وهل باقي الشعوب فعلا حره ام ان لديها حرية اكثر منا وحسب؟ وهل استفدنا مما لدينا من حرية في البناء؟ وهل الحرية تتجزء اصلا؟ وما هي؟ وهل الانسانية هي الأخرى تتجزأ؟ كيف لنا ان نطلب بشيء لا نعرفه؟ وما علاقة الحرية بالمنظومة السياسية الراسخه في العالم؟ هل التسلط والفساد ومصالح النخب والتسحيج تتماشى مع الحرية؟ وهل هي مطلب خارجي ام مطلب ذاتي يتطلب المواجهة مع الذات؟ وكذلك الامر مع العدو هل هو خارجي ام ذاتي؟ ولماذا نستسلم لما هو موجود ونتأقلم ونرضى ان نكون تبعيين؟ ةلماذا نماطل ونسوف الحق؟ والكثير الكثير من الاسئلة الصعبة التي تنتج عند الاجابة او محاولة الاجابة على أحد منها أسئلة جديدة.
من يدعون انهم يعرفون الخلل وويدعون ان لديهم الحلول هم المصيبة وخصوصا صناع الدين والمصيبة الاكبر ان الاخرين يصدقونهم لأنهم تبنوا مبدأ التبعية المهين للانسان واختار قدوة غير الأصل (الله).
لكن الحقيقة تكذبكم جميعا. نحن لسنا بخير. لان معظم الناس استسلموا للمسلمات والواقع والاهم استسلامهم لمواجهة الذات والتعمق فيها وأسرارها.
كتبت كثيرا عن مسألة الحق والدين الحق وشيطنة الامور، فلو عرف ١ بالألف من البشر الدين الحق لكانوا مختلفين وأثرهم في الدنيا مختلف.

اذا كنت على حق ولم تعمل به فانت على باطل أو في ضلال ما قدرت عليه ووسعته نفس وذاتك.
وهنا احد مرابط الفرس؛ تقزيم النفس لعدم مواجهتها فيتعذر الواحد بقلة حيلته التي اعدمها اصلا.

المعادلة تبدو صعبه، أو تُمثل الذات لنا صعوبتها للنهرب من المواجهة معها ونبشها بأسئلة جديدة ونمسمر عقلنا في صندوق الخطاب الواعظ مما قال وقيل.
سحقأ، ليس لهذا خلقنا.
ومصيبة الفساد الادراكي في العلم والتعليم والقائمين علية وكل المنظومة التي تمثل نفسها مرجعيه للإنسان التي اصارحكم بكفري بها لانها لم تتعامل مع معادلة الحق والباطل أصلا ولم تواجه ذاتها واستمرت في النهج الذي وضعه لها الاخرين.
في #التصوف_الكمي كتبت عن ميزان الحق والباطل.
كتبت كثيرا
يبدوا انه بدون فائدة
ولكن لن أيأس
لان مع كل محاولة تتخلق طبقة وعي جديدة في البحث.
الجميل في عالم الانترنت انك منفتح على العالم لتجد اشخاصا يفكرون ويبحثون مثلك من غير ملتك، تتسلق معهم سلم الوعي يدا بيد مفككين أمور معقدة، او تبدوا معقدة لانه يراد تعقيدها.
غالبا او ربما دائما يكون نقاشي في مجموعات اجنببة باللغة الانجليزية. لي محاولات فاشلة في بعض الملتقيات العربية لانه عادة يرفض العقل العربي ان يفتح صندوقه او يتركه ليتحول النقاش الى جدال مقيت، فأتركه فورا.
في نقاش حديث في احد المجموعات الأجنبية حد شيء لاول مرة؛ توقف النقاش لاني اخبرتهم اننا كمسلمين مستعدين اكثر من غيرهم للحق! كانت المرة الوحيدة اني ذكرت القرآن الكريم
لقد ذهلوا كيف ان رسالة  القران باعجاز اسلوبها السهل الممتنع تلخص الكثير من الامور التي تم تعقيدها علميا.
مثلا الكل منا يعرف انه هو او هي مستخلف في الأرض ويتحمل مسؤولية ما يقوم به وما لا يقوم به ان حاد عن الحق. بالنسبة للغرب يجب ان تختم كثير من العلوم لتصل الى هذه النتيجة. ونحن نعرفها ولا نضعها في سياقها لاننا نرفض مواجهة الذات قليلي حيلة. نفضل ان نبقى مرتاحون في صناديقنا التي تأقلمنا عليها. الانسان، المخلوق العظيم الذي اراد الله ان يتباهى به امام الملائكة وكرمه اصبح قزما مسخا ورقما ينتظر بيت أجره في صندوق.
سحقا، ليس لهذا خلقنا
لن اتوقف عن قرع الخزان مع من هم معي حتى يتبخر.

No comments:

Post a Comment