Friday, June 21, 2019

من أسباب التعاسة


جواب سريع: عدم تلائم الوعي الداخلي مع الوعي الخارجي يسبب  بالتعاسه والقهر.

في البدايه على كل منا الاعتراف انه لا يوجد حقيقة مطلقه وان كل منا ينتج أفكاره ومشاعره من داخله هو. اَي ان شخصية و وعي ومعرفة كل منا تجعله يرى الواقع من زاوية مختلفه ويصنع الصورة الخاصة به. هذا يجعل كل منا يعيش في عالم خاص به. وبما اننا لا نعيش لوحدنا بل مع بشر آخرين مثلنا ولهم عوالمهم الخاصة يتطلب ان نبني علاقات بمستويات مختلفه معهم. وبما انك لم تعد طفلا بل راشدا يجعلك مسؤول عن ما يدور بداخلك وطريقة تشكيل عالمك بالدرجة الاولى، بالاضافة الى مسؤلياتك عن العلاقة التي تبنيها مع الآخرين.
انت موجود اذا انت مسؤول وغالبا ما يلتفت كل منا عن مسؤوليته اتجاه الآخرين والعالم من حوله وينهل وعياً جديدا من الخارج، وينسى مسؤوليته اتجاه نفسه وتطوير بنيتها ومعرفته بأي طور أو مدار تتواجد! نعم فهم وتطوير الذات يؤدي الى انتاج وعي داخلي. لا اعرف ان جاز الفصل بين الوعي الخارجي والداخلي بهذه الطريقة ولَم ابحث عن تعريف كل منهما وان كان يتوافق مع ما اريد طرحه في هذا النص.
لقد كتبت في نص سابق عن الصندوق الذي يمثل شخصية كل منا وانه يتوجب توسعة حدوده وإلا لبقيت ماكينة تشكيل افكارنا في نفس المدار أو الطور وبدأ يصدئ بينما تزداد تعقيدات الحياة والامكانيات فيها. الوعي الداخلي هو المسؤول تشكيل حدود هذا الصندوق وأي وعي خارجي يتم ترجمته بناءا على هذه  الحدود. ربما تتعرض لموقف أو تصلك معلومة تؤدي الى انتاج معرفة ووعي جديد لديك لتكون ترجمة هذا الوعي مختلفه لو كنت في طور مختلفك من نضوجك الداخلي.
بنظري ما يحدث لكثير منا في مجتمعاتنا المتخلفه (اذا اجزتم لي التعبير) المملوءة بالشعور بالتعاسة والأحباط وعدم القدرة على التجديد في عوامل انتاج الواقع اننا موجودون في عالم يزداد انفتاحا، تزخم فيها المعلومات وتتسارع فيه طرق التواصل لنحلم بإمكانيات جديدة غالبا نعجز عن تحقيقها ونبقى معلقين في آمال جوفاء. ربما في كثير من الأحيان نستشعر زيادة وعينا في هذا العالم المتسارع ولكننا لا نكترث بوعينا الداخلي، فلا نقدر على التعامل مع هذا الوعي ويزداد الاضطراب والتعقيدات المصحوبة معه مما يسبب الشعور بالتعاسه.
برأيي ان الكثيرين ما زالوا يعيشون في صناديق صدأت ويزداد سماكة طبقة الصدأ مع الزمن مما يجعل التعامل مع التعقيدات الموجودة في الحياة والعلاقات مع الآخرين بطريقة سليمه أمرا مستحيلا. ولذا يصل الكثيرون الى مرحلة العنف مع الذات ورفض العالم من حوله بطريقة عنيفة أيضا. مؤشرات للتعاسه التي يجب علينا ان نفهم اسبابها لنتغلب عليها.
عندما نعترف ان الوعي الداخلي هو نقطة الانطلاق في صياغة كل لحظه من حياتنا يتطلب من كل منا ان يتعلم التمعن في ادراك مقومات هذه اللحظة والنظر بالظبط الى ما الذي سيتكون من خلالها وبهذا نخلق حرية ذاتية في صياغة الواقع وأثره. بهذا نودع للأبد دور الضحية ونستبدله بالدور الفاعل المستنير المسؤول. هكذا إنسان لا يبحث عن سعادة، بل يصنعها متعمدا في كل لحظة في حياته.

No comments:

Post a Comment