Tuesday, June 18, 2019

تراصوا وسدوا الفرج

لقد بحثت عن هذا المقال طويلا ووجدته، لانه كان أول مقال اكتبه بعد مقالي عن فلسطين الخضراء في مجلة الجامعه. اعتقد انه من سنة ٢٠٠٥.
هذه المشاعر المثالية دفعتي للعودة للبلد قبل ٩ سنوات لأجد النقيض مما زاد اصراري على ايجاد الخلل والطريقة  لاصلاحه.

اترككم مع المقال والمثاليات التي يرفضها المجتمع بقوة. والسؤال، لماذا؟

تراصّوا و سدوا الفُرَجْ
"تراصّوا و سُدّوا الفُرَج" عبارة أقف عندها لأتمعّنها كلما ذهبتُ لصلاة الجماعة, وهاأنا أشارككم بما ألهمني الله من الحكم و الدروس المنبثقة عنها، دون أن يكون لي معرفة ضليعة بأمور الفقه... و هذا يدل على أن ديننا الحنيف هو دين الفطرة.
            في البداية دعونا نتعرّف على كيفية الوقوف النموذجي للفرد و الجماعة في الصلاة:
فالتراصّ في الصف لا يتحقق حتى يتم بناؤه كالجدار المتراصّة لبناته. وكل جدار أو بناء جدار يبدأ بوضع اللبنة الأولى و تثبيتها و توجيهها والتي عليها يتوالى وضع اللبنات الأخرى الواحدة تلو الأخرى, ضاغطةً على ما قبلها. وبنقل هذه الصورة إلى المصلين نجد أن أساس التراص هو أن يُبدأ بالصف من نقطة معينة -غالبا ما تكون أقصى اليمين- وأن يكون وضع القدمين متوازيا وأن لا تزيد المسافة بين القدمين عن العرض ما بين الكتفين! فعلى كل ملتحق بالصف بالصلاة أن يضع قدمه اليمنى بمحاذاة القدم اليسرى لجاره المصلي وكذلك الكتف مع القليل من التلامس أو  "الدفع الخفيف" والذي يكون به التراحم كما أمرنا النبي (ص) لتحقيق التراصّ. وحتى لو قام أحدهم بدفع الصف من الجانب لما اختلّ أو تحرك.
        لنتخيل هذا الصف المتين المتراص المحكم, و لنتأمل المشاعر التي ممكن تحقيقها في هذا الموقف, فنحن سنشعر فيه بمعنى الوحدة و التكاتف وبيد الله عز و جلّ مع جماعتنا... فالضعيف سيشعر بالقوة, والخائف بالثقة والأمن, والمريض بالإعانة. وحتى ذلك الذي ضعف إيمانه أو أصابه شيءٌ من النفاق سيدفعه الموقف لمحاسبة نفسه. ويا لعظم هكذا موقف!
        وهذا التطبيق لا يقتصر على وقت الصلاة فحسب, فالمعاني والحكم من التراصّ وسدّ الفُرج كثيرا ما نحتاج إلى تطبيقها في المجتمع الذي نعيش فيه. فعلينا أن نبحث عن الثغرات و الخلل في أنفسنا وعوائلنا و مجتمعنا فنسُدّها ونقصد درب الإصلاح الذي أمرنا الله تعالى به حتى نكون خير أمة أخرجت للناس.
        كل هذه المعاني تتغلغل في أذهاننا بطريقة عمليّة علاجية عندما نقف بين يدي الله تعالى بكل صلاة جماعة - كما يحب الله و رسوله- متراصّين كالبنيان, صفوفنا مستقيمة كأشعة النور بعيدين عن الاعوجاج والفوضى.
        هذه وقفة صغيرة عند جزء بسيط من حركات عظيمة في ركن من أركان الإسلام تدلّنا على روعة هذا الدين و عمقه العظيم وربطه الدقيق بين أمور صلاح ديننا ودنيانا.

وائل السعد

ملاحظة: (آمل أن تعاد كتابة هذا الموضوع بالطريقة الفقهية التي افتقر إليها وان يعمل على نشره على أئمة المساجد, وربما بيننا من يحبذ استخلاص بعض الرسومات التوضيحية لتسهيل الإرشاد... وما جزاء الإحسان إلا الإحسان).
***************

No comments:

Post a Comment